كشفت إحصاءات إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام أن هناك زيادة في أعداد الطلاب الجامعيين الذين يتعاطون المخدرات بلغت 229 طالبا أردنيا ، 112و من غير الأردنيين للعام الحالي ، في حين تم ضبط 212 عام 2007 وضبط 141 خلال ,2006 وفي هذا الصدد دعا رئيس الوزراء إلى تكثيف حملات التوعية خصوصا في الدراما من إدارة المخدرات كوسائل توعية فعّالة لفئة الشباب.هذه الأرقام وضعتها الحكومة أمام مجلس النواب في جلسة عقدت خصيصا لمناقشة ظاهرة انتشار المخدرات وتأثيرها على المجتمع الأردني ، وهي أرقام تدل على وجود خلل ما في المجتمع الأردني ولكن كيف يمكن التعرف الى مكمن الخلل وهل هو خلل ناتج عن ضعف في أداة المكافحة او انه خلل ناتج عن سوء تقدير في عمليات المكافحة التي تتبناها إدارة مكافحة المخدرات ومؤسسات رسمية وأهلية أخرى مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الأرقام ما زالت لم تصل إلى مستويات دولية او حتى إقليمية.وبكل تأكيد فان دور الإدارة لا يقتصر على ضبط المتورطين بقضايا المخدرات بالجرم المشهود ومنع قيام أية زراعات غير مشروعة للمخدرات على أراضي المملكة وإعداد التقارير والإحصائيات عن مشكلة المخدرات ، وانما يتجاوزه للتوعية من أخطار المخدرات عن طريق تغطية المحاضرات في الجامعات والمدارس والمراكز الشبابية والمشاركة في البرامج التلفزيونية وإعداد الوسائل التي تحث على الابتعاد عن المخدرات.انا شخصيا اعتقد ان الخلل الاكبر يكمن في قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 11 لسنة م1988 الذي يستطيع تجار المخدرات ايجاد ثغرات فيه تؤمن لهم سبل النجاة بل على العكس فان التجار في كثير من الاحيان قادرون على النفاذ من العقوبات لعدم وجود تشريعات كافية للايقاع بهم ، اذا الخلل هو تشريعي بالدرجة الاولى خصوصا اذا ما عرفنا ان الادارة قد تعاملت مع الكثير من قضايا المخدرات بنجاح قل نظيره في الكثير من دول العالم.ولانتشار المخدرات أسباب مختلفة منها ما يتعلق بطبيعة هذه المواد ، أو شخصية متعاطيها والظروف البيئية والحضارية والسياسة الاستعمارية في العالم المعاصر.ولعل أهم الأسباب الاجتماعية الظروف الصعبة في العمل وانتشار البطالة وكثرة انتشار الأفلام الهابطة التي تروج لها ، وأيضا هناك التقليد الأعمى الذي يسيطر على مراهقينا مع الفقر الذي يلجئهم للبحث عمن يعطيه أو يغنيه فيتلقفه أرباب الفساد وتجار الرذيلة.بالإضافة إلى أن المشاكل الأسرية والخلاف بين الزوجين كثيراً ما يدفع أفراد الأسرة للجوء إلى المخدرات هرباً من الواقع المؤلم الذي يعيشونه وكذا سوء معاملة الأولاد ، أو الإفراط في تدليلهم وتلبية رغباتهم ، كما يعتبر سفر أبنائنا إلى الخارج وسرعة التنقل من الأسباب التي سهلت لهم إمكانية الحصول على الجنس والمخدر بعيداً عن رقابة الأهل ، اضافة الى أن العمالة الأجنبية هي من أخطر المصائب التي ابتلي بها مجتمعنا المحافظ حيث ينقل العمال الأجانب إلى الأسر التي يعيشون معها تقاليدهم وعاداتهم فكان للعمالة الأجنبية باع طويل في تهريب المخدرات والترويج لها.وهناك ارتباط وثيق بين انتشار المخدرات وانتشار الأمراض المنتقلة بالجنس وخاصة الإيدز فهناك حلقة مفرغة بينهما فتعاطي المخدرات يؤدي إلى انتشار هذه الأمراض ، كما أن الإصابة بتلك الأمراض الجنسية يغلب معها إدمان المخدرات.والأهم من ذلك كله الخواص الدوائية للعقار المخدر والتي تسبب الاعتماد فالإدمان. فاستعمال المنومات يوميا يؤدي بعد شهر إلى الإدمان عليها ، والحقن الوريدي للعقار أسرع في احداث الاعتياد من تناوله الفموي ، كما أن سرعة الحصول على العقار ترفع نسبة التعاطي والإدمان ، كما أن هناك بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب والفصام تعتبر من العوامل الهامة المؤهبة للإدمان.واخيرا احب أن اشير إلى أن ضعف الوازع الديني ، وعدم اللجوء إلى الله في الشدائد من العوامل الهامة في إحداث الإدمان ، ذلك أن الإنسان المتدين بعيد جداً عن جحيم الاعتياد إذ لا يمكن أن تمتد يده إلى المخدر لا بيعاً ولا تداولاً ولا تهريباً لأن طريق المخدرات هو طريق الشيطان ولا يمكن لطريق الرحمن أن يلتقي بطريق الشيطان.