Tuesday, September 1, 2009

وسواس الإيدز

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة أبلغ من العمر سبعاً وعشرين سنة، مصابة بالوسواس القهري منذ أكثر من خمس سنوات. أتعالج عند طبيب نفسي منذ سنتين، تحسنت معنوياتي لكن الحالة لم تخف. فالخوف من فيروس (السيدا) يجعلني حبيسة الإرهاق و الحرص على اجتناب كل ما يتخيل لي أنه من آثار الدماء، أو أي سائل غير معروف المصدر. بطبيعة الحال أصبحت أسيِّر حياتي وفق ما تمليه علي تلك الضغوط النفسية، فقد هاجرت إلى بلد غربي لأواصل دراستي، لكن في حقيقة الأمر فقد أردت الهروب من المشاكل التي سببتها لعائلتي من جراء التعقيدات التي أصبحت ترافقني في أبسط تفاصيل الحياة. أنا مؤمنة بالقضاء والقدر، لكن لا أستطيع أن أفصل بين ما يجب علي أن أتجنبه حتى لا أحاسب على إهمال صحتي، وما يجب علي تركه لله تعالى، يعني الحد الفاصل بين التوكل والتواكل غير محدد عندي مما يدفعني أن أقوم بأقصى التدابير حتى أرتاح. جربت أن أقنع نفسي عبر المعلومات التي بحثت عنها حول هذا الفيروس أنه لا ينتقل عبر تفاصيل الحياة اليومية، لكن الشك يهدم صحة هذه المعلومات حتى ما يقوله لي الطبيب حول كيفية انتقال الإيدز يريحني يوما، ثم أرجع وأشك إن كان الطبيب قد قال لي فعلا ذلك.. أرشدوني مأجورين..



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بك على موقعنا الكريم... أدرك كم المعاناة التي تعيشينها والتي يحياها مرضى الوسواس، ولكن –حبيبتي- لكل داء دواء بإذن الله تعالى، سأقدم فكرة عن اضطراب الوسواس حتى يستفيد قراء صفحتنا، ثم أدخل إلى عمق المشكلة.

الوسواس القهري هو اضطراب نفسي يتميز بوجود وساوس أو قهور، والوساوس هي أفكار تلح على الفرد، ويجد صعوبة في التخلص منها، وعادة ما ترتبط بقهور معينة، أي هي أفعال يقوم بها الفرد ليتخلص من قدر من القلق، فمن لديه أفكار مثلك عن انتقال عدوى الإيدز يقوم بتصرفات معينة لمنع انتقال العدوى إليه، واضطراب الوسواس القهري يقع تحت مظلة القلق، والقلق هو ما يسبب الإزعاج، وينتشر الوسواس بدرجة أكبر من التي كانت توثق من قبل، وقد وصل انتشاره في بعض البلاد إلى 6%.

ما يحدث في أغلب الحالات هو أننا نترك أنفسنا إلى أن نصل إلى درجة عالية جداً من المعاناة ثم نبحث عن علاج، وربما تكون هذه هي الثقافة السائدة في بلادنا بالنسبة للمرض العضوي، وتزداد مع المرض النفسي، وكلما طالت فترة المرض قد يحتاج الشفاء أيضاً إلى فترة طويلة!!

لا أرى أن المشكلة من ضرب السحر وما إلى ذلك، وحتى إن كانت من العين فمن المتوقع أن تنتهي الأعراض تماماً مع الرقية الشرعية، ولأن هذا لم يحدث ومع طول فترة الشكوى فهذا يشير إلى أنه مرض يحتاج علاجًا، وقد طلب منا رسولنا الكريم أن نتداوى، وفي الوقت نفسه علينا أن نتذكر أن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وهذا المعنى البسيط يحتاج إلى تدبر كبير... نعم لأنك بتجنبك أشياء معينة أو التزامك بتصرفات معينة تصلين إلى درجة كبيرة من الضيق والإحساس بالضغط، والأمر أيسر من ذلك بكثير.

ما حدث معك هو أن الأفعال القهرية قد زادت لدرجة أزعجت عائلتك، فوجدت أن البعد عن المشكلة هو الحل، ولكن حين سافرت لحقت بك مشكلاتك، وهذا أمر متوقع، والعلاج النفسي للوسواس به شق معرفي: فكما تذكرين أن المعالج يتحدث معك عن الطرق الحقيقية التي توصِّل العلم إلى أنها تسبب العدوى بمرض الإيدز، وهذا جزء من العلاج، والجانب المعرفي يتضمن أن نفهم سهولة التمييز بين التوكل والتواكل، وأعتقد أن الأمر بالنسبة لك ليس عدم فهم طرق انتقال العدوى وما يشابه ذلك، ولكن أنك تجدين نفسك غير قادرة على التوقف عن تلك الأفعال، ويمكنك أن تحضري ورقة وقلمًا وتقسمي الورقة إلى جزئين بالطول، ثم تكتبي فيها مميزات وخسائر الوسواس... من جهة أخرى فإن العلاج النفسي يتطلب –في معظم الأحوال- علاجًا دوائيًّا ليساعد على التقليل من تلك الأفكار، ويقلل مشاعر القلق والانزعاج التي تعانين منها.

التعايش مع وضعك الحالي يتطلب البحث عن طبيب معروف بأنه ماهر في علاج الوسواس..

أخيراً يمكنك الاطلاع على مشكلة بعنوان (وساوس صحية)، وتابعيني بأخبارك.