Friday, December 5, 2008

المرض العار


كوكب الوادعي

الله سبحانه وتعالى يغفر الخطايا إذا تاب العبد توبةًً نصوحة، ومارسها قولاً وعملاً. ولكن البشر لا يغفرون ولا يرحمون بعضهم (ولا يخلوا رحمة ربنا تنزل) كما يقول إخواننا المصريون. ومرضى الإيدز في مجتمعاتنا العربية يعانون من وصمة العار التي تلصق بهم فتكون أشد فتكاً من المرض الذي يدمر خلايا أجسادهم.


أبناء آدم خطاؤون وأفضل الخطائين هم التوابون. والمجتمع لا يعطي الفرصة للمريض لأن يتوب ويراجع سلوكياته الخاطئة ويعدلها بعد أن يفيق على المرض القاتل . فالأصدقاء والزملاء والأسرة ليسوا عاملاً مساعداً على التوبة ومساعدة المريض وتهيئة البيئة المناسبة للعلاج الطبي والنفسي.


مرضى الإيدز يعانون الأمرين آلام المرض ونبذ واحتقار المجتمع لهم، لإصابتهم بمرض يعتبرون المسبب الرئيسي له العلاقات الجنسية المحرمة، متناسين أن هناك أبرياء كثيرين وقعوا تحت رحمة فيروس الإيدز القاتل بطرق عدة في عيادات الأسنان التي قد لا تعقم أدواتها بعد كل مريض، وصوالين الحلاقة، وداخل المستشفى من خلال الدم الملوث.


فهذا المرض لا يفرق بين رجل وامرأة وشاب وعجوز أو طفل فالكل قد يتعرض له في أي وقت وتحت أي ظرف، خاصة أنه مرض كامن يحمله المصاب ولا تظهر أعراضه إلا في مراحل متأخرة، وإن عرف المريض بإصابته فهو يخفي مرضه ويمارس حياته بشكل طبيعي فإذا كان متزوجاً نقل المرض لزوجته وأطفاله وللآخرين .


وصمة العار تجعل مرضى الإيدز الذين لم يكتشف مرضهم الآخرون يسيرون في الطريق الخطأ مدمرين في طريقهم حياة أناس أبرياء من أهلهم وأصدقائهم وأفراد مجتمعهم.


ومريض واحد قد يصيب العشرات بهذا الداء القاتل، لأنه لا يفصح عن مرضه ولا يتخذ الإجراءات اللازمة للمعالجة ويتجنب الذهاب للمستشفى خوفاً وفزعاً مما قد يعانيه من حالات العزل والنفي وما يترتب عليه من نبذ المجتمع له فيفقد عمله ويتخلى عنه أقرب الناس إليه ويتحول إلى إنسان محطم جسمياً ونفسياً وأسرياً واجتماعياً.


النبذ والاحتقار من قبل المجتمع وتجاهل المؤسسات المعنية بالإعلان عن الأرقام الحقيقية للمصابين وانعدام الشجاعة لمواجهة المشكلة وتشجيع حاملي الفيروس للإفصاح عن مرضهم وتقديم يد المساعدة لهم لن تزيد مجتمعاتنا إلا مرضاً وألماً ووقوع المزيد من الضحايا.