Monday, November 3, 2008

الزواج «قسمة ونصيب» ... الفحص يحدد القبول بـ«الضرّاء» قبل وقوعها

!

<
>مونتريال - علي حويلي الحياة - 03/11/08//

يعتبر الفحص الطبي قبل الزواج خطوة اساسية لا تقف عند حدود الوقاية والطمأنينة وسلامة الراغبين بإجرائه من الجنسين وحسب، وإنما طريقة مثلى من أجل تلافي الإصابة بأي مرض، قد يكون وبالاً عليهم وعلى أبنائهم، وربما على الأمن الصحي الوطني ايضاً.

من هذا المنطلق، تلجأ بعض الدول إلى سن تشريعات تلزم من يقدم على الزواج بأن يخضع لفحوص طبية ومخبرية وسريرية مسبقاً، وأن يحصل على شهادة صحيّة موقّعة من المراجع المختصة بغية استعمالها كوثيقة رسمية تضاف الى ملف الزوجين أو كجواز سفر للعبور إلى حياة زوجية آمنة مستقرة سعيدة ومشفوعة بالرفاهية والبنين.

واستكمالاً لتلك التشريعات تحرص الدوائر الصحية الوطنية والعالمية على تحصين الناشئة والشباب بثقافة صحية يجرى تعميمها عبر البرامج الطبية في المدارس والجامعات أو في الندوات والمحاضرات وفي وسائل الإعلام بما فيها ضرورة الكشف الطبي لأي شريكين عازمين على الزواج. وتجدر الاشارة إلى أن مفاعيل الفحص الطبي قبل الزواج قد تكون في بعض البلدان شأناً خاصاً بكل من الشاب أو الشابة، بمعنى أنها لا تعني السماح بالزواج أو منعه ولا تلزم أياً من الطرفين بشيء، إنما تهدف إلى إطلاع كل منهما على النتائج الطبية التي تم الحصول عليها وإسداء النصح والإرشاد إذا رغبا ببناء زواج ناجح لا يتعرض مستقبلاً لأي انتكاسة صحية أو عائلية أو اجتماعية. أمّا في بلدان أخرى مثل كندا، فيرفض تسجيل أي زواج رسمياً ما لم يكن مرفقاً بشهادة صحية تثبت خلو الشريكين من بعض الأمراض التي تعتبر خطراً عليهما وعلى الصحة العامة.

شهادات وآراء

لدى استطلاع آراء شريحة من الشبان والشابات المؤهلين للزواج بينهم عرب وكنديون، تفاوتت المواقف بين مؤيد للفحص الطبي قبل الزواج ومتحفظ ومعارض. فالشاب اللبناني الأصل، فادي (27 عاماً)، يرى فيه خطوة احتياطية تحسباً لأي طارئ صحي قد يحصل لاحقاً، لأي من الزوجين أو لأولادهما، لا سيما الاصابات الوراثية التي تتسبب بعاهات جسدية أو إعاقات نفسية أو عقلية كما هي الحال لدى كثيرين من أبناء العائلات اللبنانية. ويشير إلى أنّه «لا يحبذ الزواج من إحدى قريباته حتى لو أثبت الفحص الطبي سلامتها مئة في المئة»، نافياً أن يكون زواج الأقارب كما يشاع، ضمانة لتعزيز الروابط العائلية والاجتماعية والاخلاقية.

أما غبريال (كندي 25 سنة)، فيقول: «أنا من أنصار الفحص الطبي، حتى وإن أثبت أن شريكتي مصابة بعقم مانع للحمل». ويضيف: «هذا الامر لا يهمني كثيراً طالما أجد سعادتي في من أحب»، ويؤكد ان مسألة الانجاب يمكن تجاوزها بتبي طفل أو طفلة كما هي حال الكثير من الأزواج الكنديين.

ومن جهتها تعتقد ماري كلود (كندية 24 عاماً)، انه «إذا تبين أن الشاب الذي اخترته زوجاً لي، مصاباً بعجز ما أو مرض سرطاني مثلاً، يمكن أن أبقى إلى جانبه إذا كان شفاؤه ممكناً، وخلاف ذلك فمن المنطقي أن أبحث عن سعادتي مع شريك آخر».

وثمة من يأخذ بالفحص الطبي، للتأكد من مسألة واحدة بعينها واعتبار التشخيصات الأخرى مجرد تفاصيل يمكن معالجتها. في هذا الصدد، يقول الشاب المغربي زيدان (26 سنة): «أكثر ما يعنيني هو التأكد من عذرية الفتاة أياً كانت جنسيتها»، ويسأل: «ماذا تنفع صحة الشهادة الطبية اذا كان شرف الفتاة ملوثاً؟». وفي سياق متصل بالحرية الجنسية، واجه اللبنانيان عبير ورامي صدمة نفسية قوية حين أجرى هذا الأخير فحصاً طبياً قبل أسبوعين من زواجهما ليكتشفا أنه مصاب بفيروس الايدز، الأمر الذي دفعه إلى فسخ الخطوبة وإلغاء مراسم الزواج. وتعلق عبير بمرارة: «لقد خطف المرض أجمل أحلامنا بالفرح والسعادة وحوّلها وهماً وسراباً».

وخلافاً لمجمل هذه الحالات المأسوية ثمة من يعتقد أن الفحص الطبي قبل الزواج «مخالف للتعاليم الدينية والأعراف والتقاليد الاجتماعية والعائلية»، ويعارض أن تخضع فتاة أحلامه إلى كشف أمام الأطباء، مؤكداً ان الزواج «قسمة ونصيب» وعلى المرء ان يرضى بقدره.

ومهما يكن من أمر، فإن الفحــــص الطبي قبل الزواج، وإن أفسد على بعض الشبان والشابات أحلامهم الورديـــة وحوّلها إلى أشواك جارحة وسامّة أحياناً، فإنه في الوقت نفسه يُنقذ الآلاف منــــهم من خطر إنجاب أطفال مشوهين جسدـــياً وعقلياً ونفسياً، وينبّههم من شرور انتقال الأمراض الوراثية أو المعدية والتي تشكل تهديداً حقيـــقياً لسلامة الشريك. ويعتبر الفحص مناسبة ممتازة، تتيح للــشريكين الاستـــفسار عن كل ما يخطر ببالهما من أسئلة حول الصحة والمرض والتزود بالارشادات والنصائح المبنية على التاريخ المرضي الشخصي والعائلي لكل منهما.