Saturday, November 1, 2008

قادة دينيون ضد الإيدز: عليكم بالعفّة


راجانا حمية
من ورشة العمل (هيثم الموسوي)من ورشة العمل (هيثم الموسوي)هو ليس ترويجاً لـ«الكوندوم»، أي الواقي الذكري، ولكن للضرورة أحكام. هذه هي آخر ابتكارات رجال الدين الذين حضروا ورشة العمل الوطنية للقادة الدينيين عن التجاوب مع مرض الإيدز المعقودة أمس في بيروت بدعوة من البرنامج الإقليمي للإيدز في الدول العربية التابع للأمم المتّحدة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز والهيئة الدوليّة لصحّة الأسرة. بعد هذه الخلاصة، اتجهت الورشة لإثبات أمرين: أوّلهما أنّ «الاستشارات الطبّية باتت مضيعة للوقت»، حسب ما قال الطبيب محمّد شريتح في مداخلته المستفيضة عن عوارض مرض الإيدز، بما أن المريض يموت في كل الحالات! أمّا الأمر الثاني، فهو الحل المثير الذي توصّل إليه القادة الدينيّون، بعد سلسلة اجتماعاتٍ عابرة للقارات، لمعالجة المرض، أي العفة والامتناع عن المحرمات. ولكن قبل الدخول في تفاصيل هذه المعالجة، ألا يجب التوقّف قليلاً عند هويّة المرض الجديدة، بحسب تعريف رجال الدين؟ فصحيح أن المرض ناتج من العلاقات الجنسيّة غير الآمنة والدم الملوّث بالفيروس، ولكن «المؤكّد أنّه اختبار وابتلاء من الله تعالى يصيب به من عباده من يشاء ومتى يشاء وكيف يشاء، وإذا صبر العبد ولم يجزع أثابه الله ثواب الصابرين». لكن، هذا «الابتلاء» أو «الامتحان» كما وصفه أحد شيوخ الأزهر الشريف في فيلم عرضته الورشة، قد يصيب العبد بطريقة إيجابيّة أو سلبيّة. وبحسب هاتين الناحيتين، يصف الشرع الدواء. فإذا ما كان المرض قد انتقل إلى «الأخ الكريم» من طريق نقل الدم أو ضمن «حدود الله»، أي الزواج، فالعلاج ينحصر في الدعاء والعفّة والامتناع عن الحرمات والصبر، ذلك أنّ «الله مع الصابرين». أمّا من «فاته حفظ دينه، وأزلّه الشيطان عنه»، فعليه أخذ الاحتياطات اللازمة باستعمال الوسائل الصحّية للتقليل من الضرر، وعلى رأسها الواقي الذكري. لكن، الحاضرين حذروا من أنّ انتهاج هذا الأسلوب دونه مخاطر جمّة. فارتكاب المعاصي «سيحرمك جنّةً عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتّقين» وإن لم يرتدع «فلا نملك إلا أن ندعو الله لك بالهداية».
وبما أن مرضى الإيدز ليسوا جميعاً من الدين نفسه، فيبدو أن لـ«خدّام المسيح» رأياً أيضاً. فماذا عن تعاليمهم؟ هي شبيهة إلى حدٍّ ما بتعاليم الدعاة المسلمين، ولكن عمادها «عدم اشتهاء أجساد الآخرين لمتعتك الخاصّة، فلا مانع من أن تتلذّذ، ولكن تلذّذ بالرب وافرح به واشبع من محبّته مستغنياً عن أنانية الجسد». وفي خلاصةٍ عامّة لمواجهة هذا المرض، كلمة واحدة: عليكم بالعفّة!
يُذكر أنّ هذه التوصيات وضعها القادة الدينيون في دليلين: أحدهما للمسلمين، والآخر للمسيحيين، خلاصة اجتماع القادة في دمشق عام 2004. وقد ناقشوا أمس هذه التوصيات في ورشة العمل التي تستمر حتّى غدٍ الأربعاء، وتتضمّن، شهاداتٍ للمتعايشين مع المرض والفئات الأكثر عرضة له، إضافة إلى عرض خطط العمل الجماعية للوقاية.