في واقعة طبية أخرى انتصرت المحكمة الاتحادية العليا لدعوى أب توفي اثنان من أبنائه وأصيب آخران بالإيدز في أحد مستشفيات وزارة الصحة ، وقضت المحكمة في حكمها بإلزام وزارة الصحة دفع مبلغ قدره مليونان و400 ألف درهم تعويضاً ودية عن خطأ طبي تسبب في وفاة طفلين وإصابة شقيقيهما بالإيدز بعد حقنهم بوحدات دم وإبر ملوثة بفيروس المرض دون فحص العينات المستخدمة، وشمل الحكم التعويض عن العجز ومصاريف العلاج، إضافة إلى الأضرار الأدبية.
وتعود وقائع القضية إلى عام 1990 أثناء علاج الأطفال الأربعة، إسلام وعمار وبلال وسعيد، في مستشفيات تابعة لوزارة الصحة من مرض “الناعور” بصفة مستديمة، حيث ظهرت عليهم أعراض مرض الإيدز نتيجة حقنهم بوحدات دم مجمعة “العامل الثامن”، وإبر ملوثة بالإيدز دون فحص العينات، ما أدى إلى تدهور حالة طفلين حتى وفاتهما وإصابة الآخرين.
“الخليج” حرصت على مناقشة الموضوع مع المسؤولين والمتخصصين للوقوف على حقيقة الأمر. من جانبه قال الدكتور علي بن شكر مدير عام وزارة الصحة أن الإمارات من الدول التي لا تقدر بها نسبة الأخطاء الطبية وما يحدث بها لا يذكر مقارنة بكبريات الدول العالمية، فجميع الهيئات الصحية في الدولة تعلن سنويا عن إحصائياتها التي تؤكد أن هناك 4 ملايين مراجع سنويا لمستشفيات وزارة الصحة فقط وعدد القضايا الواردة إلينا في التحقيق الداخلي والتي تشهدها ساحات المحاكم لم تتجاوز 65 قضية من خلال آخر إحصائية تم رصدها لعام 2007 إلا أن ما يضخّم هذا الموضوع بين الحين والآخر هو الخلط الخاطئ بين مفهوم الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية.
كما إنني لا استبعد وجود عدد آخر من الأخطاء لا يتم إبلاغنا وحتى وان تجاوز العدد المذكور للضعف فستبقى النسبة ضئيلة جدا مقارنة بعدد المراجعين بالمستشفيات فقد بلغت فيه نسبة الأخطاء الطبية بكندا إلى 22% من عدد المراجعين في عام 2001 وفي الولايات المتحدة بلغت 3،7% عام 2004 وبذلك يتضح لنا أن نسبة الأخطاء الطبية في الإمارات لا تذكر مقارنة بأكبر دول العالم.
وأكد أن الوزارة لم ولن تتهاون في أي وقت من الأوقات في تطبيق عقوبات مشددة ضد أي طبيب يثبت إهماله في العلاج وتصل هذه العقوبات الى درجة الفصل ومنعه من مزاولة المهنة بالدولة، وقد تم إعداد مشروع قانون خاص بالأخطاء الطبية تمت صياغته قانونياً ومهنياً وإقراره من اللجنة الوزارية التي تولت رفعه إلى مجلس الوزراء.
وأشار ابن شكر إلى أن الوزارة تطبق برنامج سلامة المرضى في المستشفيات كأجراء وقائي من الأخطاء الطبية ويلزم البرنامج الأطباء بأعلى درجات الدقة على جميع المستويات أثناء القيام بإجراء اى نوع من الجراحات بجانب ذلك تحرص الوزارة على متابعة الأجهزة الطبية بمختلف مستشفياتها بشكل دوري من خلال برنامج متابعة المستشفيات.
وقال رئيس مكتب الرقابة الطبية في هيئة الصحة في دبي الدكتور إبراهيم رمضان ان هناك نوعين من الأخطاء الطبية وهما الإهمال الطبي والخطأ الطبي مؤكدا ان أحدث تقرير صادر عن المكتب تضمن ثبوت 3 حالات إهمال طبي و13 حالة خطأ طبي و61 حالة ثبت فيها الإهمال والخطأ الطبي معا.
وعن مدى صلاحيات المكتب في التعامل مع الشكاوى المقدمة من المرضى أو ذويهم قال الدكتور إبراهيم رمضان نحن جهة رقابية موحدة ومسؤولة عن التعامل مع جميع الشكاوى الطبية في هيئة الصحة في دبي ومراقبة الوفيات والمضاعفات الطبية إلى جانب الإشراف على التدقيقات الطبية التي يتم إجراؤها والبروتوكولات التي يتم إصدارها في مستشفيات ومراكز الهيئة الصحية وفى حالة إثبات أي خطأ طبي يتخذ مساعد المدير العام للشؤون الطبية قراره حسب طبيعة الحالة ونتيجة التحقيق، وفى حالة الشكاوى الطبية يقوم المكتب بتشكيل لجنة طبية لمتابعة الشكوى من جميع الجوانب حيث تقوم اللجنة بطلب الملفات الطبية من المستشفيات سواء حكومية أو خاصة مع تنظيم اللجنة لاجتماعات مع مقدم الشكوى والطبيب المعالج كل على حدة بجانب متابعة سحب أو إيقاف تراخيص مزاولة المهنة من الأطباء الذين ثبتت أخطاؤهم الطبية وممن لايزالون تحت قيد التحقيق.
أما الدكتور علي النميرى رئيس جمعية الإمارات الطبية فأشار إلى أن العلاقة بين المريض والطبيب علاقة شراكة تضامنية حقيقية بين طرفين طلب فيها الأول “المريض” خدمه طبية عرضها الطرف الثاني “الطبيب” واتفقت إرادتهما على التنفيذ، فإن كان الطرف الثاني غير مؤهل شرعاً أو عرفاً وقانوناً للقيام بذلك العمل فقد اخل بالتعاقد وعليه تحمل المسؤولية أما إذا كان مؤهلا للقيام بذلك العمل ولم ينجزه بالطريقة المتفق عليها فإنه يكون اخل بالتعاقد “تقصيراً” وليس من السهولة أن نفصل بين الحالتين، لذلك على الطبيب أن يتوخى أقصى درجات الحرص والاهتمام وتوفير أفضل الوسائل العلاجية لأي مريض يقوم بعلاجه لأن تقصيره في اتباع السلوك المهني المناسب يعد خروجا عن سلوكيات المهنة قد يضعه تحت مساءلة القانون.
ومن هنا يمكن تعريف الخطأ الطبي بأنه إخلال الطبيب بالتزامه أو عدم تقيده بالعلاقة التعاقدية مع المريض من حيث توفير العناية اللازمة لإنجاز العمل الطبي على أتم وجه من دون حدوث مالا يحمد عقباه أما وان حدث وكان نتيجة الخطأ لعمل قهري ليس للطبيب أي دور فيه يكون تقييم التقصير مهنيا بحتا بواسطة لجنة مستقلة من ذوى الخبرة والاختصاص يكون من بين أعضائها إداري وخبير قانوني ولا يترتب على الطبيب أي تبعات قبل إنهاء اللجنة تحقيقاتها وللخطأ الطبي ثلاثة أركان يجب أن تتوافر قبل أن نحكم بخطأ الطبيب، الركن الأول هو التقصير في توفير الرعاية الكاملة التي يجب أن يقدمها من هو بنفس مرتبة ذلك الطبيب والركن الثاني أن يكون التقصير الطبي تسبب في إلحاق ضرر بالمريض سواء بجسمه أو بنفسه أو بماله والركن الثالث أن يكون هناك علاقة سببية بين الخطأ الذي ارتكبه الطبيب والضرر الذي لحق بالمريض وان هذه العلاقة مباشرة.
وقال النميرى إن كل ما يثار حول الأخطاء الطبية من جانب الأطباء ومعاونيهم في مستشفيات الدولة لم يصل بكل حال من الأحوال إلى ثمن اقل نسبة من نسب الأخطاء الطبية بالدول الأخرى مقارنة بعدد السكان فالإمارات من الدول التي تلتزم وتتبع المعايير العالمية إزاء تقديم الخدمات العلاجية لجميع المراجعين كما أنها من أكثر الدول التي تحرص على مراقبة ومتابعة منشآتها الصحية بمختلف أنواعها إلى جانب أنها من بين أوائل دول المنطقة التي بادرت باستقدام اعرق المستشفيات العالمية لافتتاح فروع لها من خلا ل شراكة عالمية لتوفير ارقى الخدمات العلاجية بالمنطقة.